كل ما تحتاج معرفته عن السعال الديكي

السعال الديكي: الأسباب، الأعراض، الوقاية والعلاج

مقدمة

يعتبر السعال الديكي من الأمراض التنفسية المزعجة التي قد تكون مهددة للحياة، خاصةً للأطفال الرضع والأشخاص الذين يعانون من ضعف في الجهاز المناعي. يعتبر السعال الديكي مرضاً معدياً يسببه بكتيريا تُدعى بورديتيلا بيرتوسيس (Bordetella pertussis)، والتي تصيب الجهاز التنفسي وتسبب نوبات شديدة من السعال. قد تؤدي هذه النوبات إلى صعوبة في التنفس، مما يزيد من خطورة الإصابة بمضاعفات مثل التقيؤ، والتعب الشديد، وصعوبة التنفس.

السعال الديكي كان يعد في الماضي مرضاً خطيراً، ولكنه أصبح اليوم أكثر قابلية للعلاج بفضل التحسينات في الرعاية الصحية والتطعيمات. في هذا المقال، سنتناول بشكل شامل ما هو السعال الديكي، أسباب الإصابة به، أعراضه، سبل الوقاية والعلاج المتاحة، وكذلك تأثيراته على الصحة العامة.

ما هو السعال الديكي؟

السعال الديكي هو مرض معدٍ يؤثر بشكل رئيسي على الجهاز التنفسي. يحدث بسبب الإصابة بالبكتيريا بورديتيلا بيرتوسيس التي تتسبب في التهاب الشعب الهوائية، مما يؤدي إلى نوبات متكررة من السعال الشديد. يعتبر السعال الديكي من الأمراض التنفسية التي تنتقل عبر الهواء من خلال العطس أو السعال، ويمكن أن ينتقل من شخص إلى آخر بشكل سريع جداً. رغم أنه يمكن أن يصيب أي شخص، إلا أن الأطفال دون سن الخامسة والكبار الذين لم يتلقوا التطعيم ضد السعال الديكي هم الأكثر عرضة للإصابة بالمرض.

تظهر عادة الأعراض بعد فترة حضانة تتراوح بين 7 إلى 10 أيام بعد التعرض للبكتيريا، وتكون بداية المرض شبيهة بأعراض نزلات البرد العادية، مثل السعال الخفيف والعطس. ولكن مع مرور الوقت، تتفاقم الأعراض وتتحول إلى سعال عنيف يصعب السيطرة عليه، ويحدث عادة في نوبات طويلة ومؤلمة.

أسباب الإصابة بالسعال الديكي

يعود سبب السعال الديكي إلى الإصابة ببكتيريا بورديتيلا بيرتوسيس، والتي تهاجم بطانة الشعب الهوائية وتؤدي إلى تهيجها. تنتقل هذه البكتيريا من شخص إلى آخر عن طريق الرذاذ التنفسي الذي ينشأ عندما يسعل الشخص المصاب أو يعطس. يمكن أن ينتقل المرض بسهولة في الأماكن التي تشهد ازدحاماً، مثل المدارس أو الأماكن العامة، حيث يتعرض الأشخاص للعدوى بشكل أسرع.

تحدث الإصابة بعد التعرض المباشر لشخص مصاب بالسعال الديكي، وعادة ما يظهر المرض بعد فترة حضانة تتراوح بين 7 إلى 10 أيام، ولكن يمكن أن تستمر الأعراض بشكل مزعج لفترة تتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.

أعراض السعال الديكي

تبدأ أعراض السعال الديكي بشكل عام بنزلات برد خفيفة، ولكن مع مرور الوقت تزداد شدة السعال. يمكن تقسيم الأعراض إلى ثلاث مراحل رئيسية:

1. المرحلة التحضيرية (المرحلة الأولية):
   في هذه المرحلة، يمكن أن يظهر السعال بشكل مشابه لأعراض نزلة برد أو إنفلونزا. يشمل ذلك السعال الخفيف، سيلان الأنف، العطس، والتعب العام. قد تستمر هذه الأعراض لمدة 1-2 أسابيع.

2. المرحلة الحادة (المرحلة الثانية):
   مع تقدم المرض، يصبح السعال أكثر شدة ويظهر في نوبات مستمرة، ويصعب التحكم في السعال. قد يصاحبه شعور بالاختناق بسبب تكرار السعال لفترات طويلة، ويُشعر المريض وكأنّه لا يستطيع التنفس بعد السعال. قد يصدر صوت حاد يشبه “الديكي” بعد السعال، ويعد هذا الصوت أحد العلامات المميزة للمرض. قد تظهر بعض الأعراض الأخرى مثل التقيؤ أو صعوبة في النوم بسبب السعال المستمر.

3. المرحلة التعافي (المرحلة الأخيرة):
   تبدأ الأعراض بالتراجع بعد حوالي 6-8 أسابيع، ولكن قد يستمر السعال لعدة أسابيع إضافية حتى يتعافى الشخص بالكامل.

تشخيص السعال الديكي

يتم تشخيص السعال الديكي بناءً على الأعراض السريرية التي يعاني منها المريض، وكذلك من خلال إجراء بعض الفحوصات المخبرية. من بين الفحوصات المستخدمة:

• اختبار PCR (تفاعل البوليميراز المتسلسل): يساعد هذا الاختبار في تحديد وجود بكتيريا بورديتيلا بيرتوسيس في عينة من المخاط أو اللعاب.

• اختبار الثقافة البكتيرية: يتم أخذ عينة من الحلق أو الأنف لاختبار وجود البكتيريا المسببة للمرض.

• اختبارات الدم: قد يتم إجراء اختبارات دم لقياس مستوى الأجسام المضادة والتأكد من الإصابة.

الوقاية من السعال الديكي

الوقاية من السعال الديكي تكمن في التطعيم ضد البكتيريا المسببة للمرض. يوجد تطعيم يُعرف بـ DTP (والذي يشمل الدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي)، ويُعطى عادة في شكل سلسلة من اللقاحات للأطفال في سن مبكرة. يُنصح أيضاً بالحصول على جرعات معززة من اللقاح للأطفال والكبار، خاصة أولئك الذين لم يتلقوا التطعيمات الكافية أو الذين تعرضوا لخطر الإصابة.

علاج السعال الديكي

يجب علاج السعال الديكي في أقرب وقت ممكن لتقليل شدة الأعراض ومنع تطور المضاعفات. يتضمن العلاج:

• المضادات الحيوية: يمكن استخدام المضادات الحيوية مثل الاريثروميسين أو الازيثرومايسين في المراحل المبكرة من المرض لعلاج العدوى البكتيرية ومنع انتقال العدوى إلى الآخرين.

• علاج الأعراض: يمكن استخدام أدوية السعال والمراهم للتخفيف من السعال. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المرضى شرب كميات كافية من السوائل والحصول على الراحة الكافية.

• التدابير الوقائية: يتضمن ذلك منع الأشخاص المصابين من الاتصال بالآخرين، خاصةً الأطفال الصغار والنساء الحوامل الذين لم يتلقوا التطعيم.

مضاعفات السعال الديكي

قد يؤدي السعال الديكي إلى مضاعفات خطيرة، خاصةً في الأطفال الصغار والمسنين. من بين المضاعفات المحتملة:

• الالتهاب الرئوي: يمكن أن يتسبب السعال الشديد في تدمير الأنسجة الرئوية، مما يؤدي إلى الإصابة بالتهاب رئوي.

• مشاكل التنفس: يمكن أن تتسبب نوبات السعال الشديد في صعوبة التنفس، وقد تتطلب بعض الحالات العلاج في المستشفى.

• التقيؤ والتعب الشديد: بسبب نوبات السعال المتكررة، قد يعاني المرضى من التقيؤ المستمر والشعور بالتعب الشديد.

الخاتمة

السعال الديكي مرض تنفسي خطير يتطلب اهتمامًا طبيًا عاجلاً، خاصةً في حال ظهور الأعراض الحادة التي تتمثل في نوبات سعال متكررة وصعوبة في التنفس. على الرغم من أنه مرض قابل للعلاج، إلا أن الوقاية تظل أفضل الحلول المتاحة من خلال التطعيمات المبكرة والوقاية من العدوى.